الأخبار الفلكيةحالة الطقس

هل كانت الأرض تسخن أم تبرد قبل الثورة الصناعية وكيف ينعكس ذلك على التنبؤ المستقبلي بالمناخ؟

يمكن العثور على معلومات حول المناخ السابق من الأدلة التي تم تخزينها في أرشيف الطبيعة أو يمكننا محاكاة الماضي باستخدام نماذج المناخ.

تلعب النماذج المناخية الدقيقة دورا حاسما في علوم وسياسات المناخ وتساعد صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم أثناء بحثهم عن طرق لإبطاء الآثار المميتة للتغير المناخي وآلية التكيف مع التغيرات الجارية بالفعل.

وأجرى داريل كوفمان أستاذ علوم الأرض والبيئة في جامعة شمال أريزونا (Northern Arizona University) وإيلي برودمان باحثة ما بعد الدكتوراه في علوم المناخ في جامعة أريزونا (University of Arizona) تقييما عالميا شاملا للأدلة الحالية عن تغير المناخ بما فيها المحفوظات الطبيعية مثل حلقات الأشجار ورواسب قاع البحر بهدف حل التناقض ما بين النماذج والأدلة والذي يعرف باسم “لغز الهولوسين” في درجة الحرارة العالمية.

واقترحا في ورقتهم البحثية التي نشرت في 15 فبراير/شباط الجاري طرقا لتحسين التنبؤ بالمناخ لتجنب آثار التغييرات التي تحدث في يومنا هذا بتسارع بطيء.

وخلص الباحثان إلى أن متوسط درجة الحرارة العالمية منذ حوالي 6 آلاف عام كان على الأرجح أكثر دفئا وتبعته بعد ذلك موجات من البرودة وصولا إلى القرن التاسع عشر. وسلطت الدراسة الضوء على أوجه الارتياب في النماذج المناخية الحالية وضرورة زيادة البحث للتحقق من دقتها.

حلقات النمو التي تتشكل كل عام في الأشجار والشعاب المرجانية لبناء تصور عن درجة الحرارة عبر الزمن. / مصدر الصورة شترستوك/
يمكن استخدام حلقات النمو في الأشجار والشعاب المرجانية لبناء تصور عن درجة الحرارة عبر الزمن (شترستوك)

أدلة الأرشيف الطبيعي متعددة

وفق تقرير نشر في موقع “ساينس ديلي” (ScienceDaily)، فإن الهدف الرئيسي للورقة البحثية هو التحقق مما إذا كان متوسط درجة الحرارة العالمية قبل 6 آلاف عام كان أكثر دفئا كما هو موضح من أدلة المحفوظات الطبيعية، أو أنه كان أكثر برودة حسب المحاكاة التي قدمتها النماذج المناخية مقارنة بأواخر القرن التاسع عشر عندما أدت الثورة الصناعية إلى زيادة ملحوظة في الاحترار العالمي بسبب النشاط الإنساني.

في المعتاد، يمكن العثور على معلومات حول المناخ السابق من الأدلة التي تم تخزينها في أرشيف الطبيعة أو يمكننا محاكاة الماضي باستخدام نماذج المناخ، إذ يمكن استخدام حلقات النمو التي تتشكل كل عام في الأشجار والشعاب المرجانية لبناء تصور عن درجة الحرارة عبر الزمن.

ويمكن أن نعرف تقلبات درجة الحرارة من التغييرات في عرض حلقات الأشجار. فإذا كانت درجة الحرارة خلال موسم النمو باردة جدا فإن حلقة الأشجار التي تتشكل في تلك السنة أرق مقارنة مع تلك التي تتشكل في الأعوام ذات درجات الحرارة الأكثر دفئا.

ويمكن العثور على بيانات مماثلة في الجليد وفي الأصداف الصغيرة الموجودة في الرواسب التي تتراكم مع مرور الوقت في أسفل المحيطات أو البحيرات.

الصورة 02 تشكل نوى الرواسب والقشريات في أعماق المحيطات أرشيفا طبيعيا للتغيرات المناخية يرجع أحيانا إلى آلاف السنين. / مصدر الصورة شترستوك/
نوى الرواسب والقشريات في أعماق المحيطات تشكل أرشيفا طبيعيا للتغيرات المناخية عبر آلاف السنين (شترستوك)

رواسب الفورامينيفرا

ووفق مقال نشر في موقع “ذا كونفرسيشن” (The Conversation) عثر الباحثان على أرشيف عن تغيرات درجة حرارة أخرى في رواسب قاع البحر في بقايا المخلوقات الصغيرة تسمى “فورامينيفرا” (foraminifera).

ويعرّف موقع هيئة المساحة البريطانية “الفورامينيفرا” بأنها كائنات أولية وحيدة الخلية تشبه الأميبا، وقد أطلق عليها اسم الأميبا المدرعة لأنها تفرز قشرة صغيرة، يتراوح طول الواحدة منها ما بين نصف مليمتر إلى مليمتر. وقد تم العثور على قشور تلك الكائنات المتحجرة في رواسب من العصر الكمبري (منذ حوالي 545 مليون سنة).

تتغير التركيبة الكيميائية لصدفة “الفورامينيفرا” عندما تكون على قيد الحياة تبعا لدرجة حرارة المحيط، وعندما تموت تغرق الصدفة ويتم دفنها، ومع مرور الوقت تتشكل طبقات من الرواسب في قاع المحيط. ويمكن للعلماء بعد ذلك استخراج تلك الرواسب وتحليل القشريات كيميائيا في تلك الطبقات لتحديد تكوينها وعمرها الذي يرجع أحيانا إلى آلاف السنين.

حل “لغز الهولوسين”

وإضافة للأرشيف الطبيعي يستخدم العلماء أيضا نماذج المناخ والتي تعرف بأنها تمثيلات رياضية لنظام المناخ على الأرض وتربط ما بين الغلاف الجوي والحيوي والمائي لإنشاء أفضل نسخة مطابقة للواقع.

وتستخدم نماذج المناخ لدراسة الظروف الحالية والتغيرات المتوقعة في المستقبل كما تستخدم لإعادة بناء تصور عن المناخ في الماضي. وعلى الرغم من أن نماذج المناخ مستمرة في المكان والزمان، فإنها لا تعبر عن كافة تفاصيل نظام المناخ.

وقام الباحثان بتقييم نظرية المناخ وأرشيف الطبيعة إضافة إلى محاكاة نماذج المناخ مع التركيز على مؤشرات درجة الحرارة العالمية. وبحثا في الظواهر الطبيعية التي تؤثر على المناخ بما في ذلك الاختلافات طويلة الأجل في مدار الأرض حول الشمس وتركيزات غازات الدفيئة والانفجارات البركانية والطاقة الحرارية للشمس وقاما بفحص الغطاء النباتي والتغيرات في الكتلة الجليدية التي يمكن أن تؤثر على درجة الحرارة العالمية.

واستعرضت الورقة البحثية الأدلة التي توضح تغيرات درجة حرارة الأرض على مدار 6 آلاف عام قبل ظاهرة الاحتباس الحراري الحديث. وأظهر الأرشيف الطبيعي عموما أن متوسط درجة حرارة الأرض منذ حوالي 6 آلاف عام كان أكثر دفئا بنحو 0.7 درجة مئوية مقارنة بالقرن التاسع عشر، ثم بردت تدريجيا وصولا إلى الثورة الصناعية.

بينما تظهر نماذج المناخ اتجاها بسيطا للاحترار وهو ما يتوافق مع زيادة تدريجية في ثاني أكسيد الكربون حيث تم تطوير المجتمعات القائمة على الزراعة خلال آلاف السنين بعد أن تراجعت صفائح الجليد في نصف الكرة الشمالي. وهكذا فقد سلطت الدراسة الضوء على أوجه الشك في النماذج المناخية الحالية وضرورة زيادة البحث للتحقق من دقتها.

المصدر : ذا كونفرسيشن + مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى