أساسيّات الرصد الفلكي – الجزء الثامن: المناظير وأهدافها لفصل الصّيف
فصلُ الحرِ والأيامِ الطّويلة، فصلُ الاعتدال واللّيالي القصيرة، إنه فصل الصّيف. السّماء في فصل الصّيف ليست كغيرها، فكلّ من اعتاد على النّظر إلى السّماء في كلّ ليلةٍ يكادُ يُقسم أن السّماء في فصل الصّيف تبدو أقرب، وكأنّها تفتح لنا أبوابها للّنظر في أعماقِها. السّبب في ذلك هو موقع الأرض حيثُ تكون السّماء المُظلمة باتجاه قلب مجرّة درب التّبانة. مما يجعل فصل الصّيف فصلَ العناقيد. هذا ما سنلاحظه في هذا المقال.
دعونا نعرّفكم بأهم أهداف المناظير لفصل الصّيف. سنعتمدُ في هذا الدّليل على الزّوايا القائمة في إيجاد مُعظم الأهداف.
العنقود النّجميّ المغلق Globular Cluster M92:
لإيجاد العنقود نتّبع الخطوات التّالية: ننطلق من نجم النّسر الواقع (Vegaa) ثمّ نُحدد مُثلّث الصّيف. والآن نرسم خطاً وهمياً ينطلق من ذنب الدّجاجة ويُعامد الخط الواصل بين ذنب الدّجاجة والنّسر الطّائر. الخط يجب أن يتجه بجهة النّسر الواقع وأن يمتد على مسافة خمسٍ وثلاثين درجةٍ تقريباً. الصّورة التّالية توضّح كيفيّة إيجاد العنقود.
عنقود هرقل Great Cluster in Hercules:
يُسمى العنقود أيضاً بالاسم M133 ويُعد أحد أجمل العناقيد في السّماء. لإيجاد العنقود نتّبع ما يلي: ننطلق من نجم النّسر الواقع ((Vega ثم نُحدد مُثلّث الصّيف. والآن نرسم خطّاً وهميّاً ينطلقُ من نجم النّسر الواقع ويعامد الخط الواصل بين ذنب الدّجاجة والنّسر الطّائر. الخط يجب أن يتّجه بالجّهة البعيدة لمُثلّث الصّيف وأن يمتدَّ على مسافة اثُنين وعشرين درجةٍ تقريباً. الصّورة التّالية توضّح كيفيّة إيجاد العنقود.
نجم رأس الجّاثي Rasalgethi:
رأس الجّاثي هو نجمٌ مُميز، فالنّجم عبارةٌ عن منظومةٍ ثُنائيّة. علاوةً على ذلك هو نجمٌ مُتغير. دور التّغيّر غير مُعرّف. فهو لا يتبع دورةً مُعيّنة. يتأرجح قدر النّجم بين القيمتين 3.1 و3.9. لإيجاد النّجم نتبع ما يلي:
نبدأ بإيجاد مُثلّث الصّيف. والآن نضع تركيزنا على النّسر الطّائر. نَمدد الخط الواصل بين النّسر الطّائر والذّنب الدّجاجة بمقدار درجةٍ واحدة. والآن نرسم عاموداً عند نهاية الخط المُمدد. العامود يجب أن يمتدّ على مسافة ثمانٍ وثلاثين درجةٍ تقريباً وأن يتّجه بجهة النّسر الواقع. الصّورة التّالية توضح ما ذكرناه سابقاً:
العنقود IC 4665:
أحدَ أجملِ الأهداف للّمناظير. لإيجاد العنقود نُحدد أولاً مُثلّث الصّيف. والآن ننطلق من نجم النّسر الطّائر باتجاه النّسر الواقع ونحسب اثُنا عشر درجةً تقريباً. والآن نرسم عاموداً باتّجاه الجّهة البعيدة عن المُثلّث. العامود يجب أن يمتد مسافةَ ستّةٍ وعشرين درجةٍ ونصف الدّرجةِ تقريباً. الصّورة التّالية توضح كيفيّة الوصول إلى العنقود:
العنقود النّجميّ المغلق Globular Cluster M5:
إيجاد العنقود أمرٌ سهل. علينا أن نبحث عن السّماك الرّامح (Arcturus) (لطريقة إيجاد النّجم: #راجع مقال نقاط البداية). والآن نرسم خطّاً وهميّاً باتّجاه الأفق الجّنوبي وعلى مسافة اثُنين وعشرين درجةٍ ونصف الدّرجةِ تقريباً. عندها سنجد العنقود المنشود. الصّورة التّالية توضح ما عنيناه سابقاً:
قلب العقرب Antares:
نجم قلب العقرب نجمٌ مُتغيرٌ، وهو منظومة نجميّةٌ ثُنائية. لا يمكن ملاحظة خصائص هذا النّجم باستخدام المقراب. السّبب وراء ذكرنا لهذا النّجم هو موقعه في السّماء، إذ أنّنا سنحتاج النّجم في تحديد أهدافٍ أُخرى قادمة. لإيجاد النّجم نقوم أولاً بتحديد مُثلّث الصّيف. والآن نرسم خطاً عامودياً على الخطّ الواصل بين النّسر الواقع والنّسر الطّائر. الخط يجب أن ينطلق من نجم النّسر الطّائر وأن يمتد على مسافة ستّين درجةٍ تقريباً. جهة الخط هي الجّهة البعيدة عن المُثلّث (أي باتّجاه الأفق). قلب العقرب نجمٌ لامعٌ ولونه أحمر. لتمييز النّجم، فإن النّجم يقع بالقرب من الأفق الجّنوبيّ قبل منتصف في اللّيالي الصّيفية. الصّورة التّالية توضح ما ذكرناه:
زباني العقرب Zuben Elakribi:
زباني العقرب هو أحد كنوز السّماء التّي يجدر على كلّ شخصٍ مُشاهدتها. زباني العقرب هو نجمٌ مُتغيرٌ. ما يميزه أنّ دوره قصير حيث يتأرجح قدره بين القيمتين 4.8 و5.9 خلال يومين وثُلث اليوم. هذا يعني أن النّجم يُشعُّ في كلّ يومٍ بشكلّ مُختلفٍ عن اليوم الذي سبقه وعن اليوم الذي يتليه. هذا النّجم خافتٌ وطريقةُ إيجاده تحتاج إلى تركيز. في البداية علينا تحديد مخلب العقرب. مخلب العقرب هو تشكيلةُ نجومٍ تأخذ شكل مخلب العقرب في كوكبة العقرب. لتحديد المخلب، نُحدد أولاً نجم قلب العقرب ثم ننظر إلى الجّهة الشّرقية للّنجم (إلى اليمين من النّجم) ونحاول تحديد المخلب، المخلب يبدو بهذا الشكلّ:
النّجوم الثّلاثة التّي تُشكلّ المخلب هي: عقرب (Acrab)، جبهة (Dschubba) وباي العقرب (π Sco) النّجوم جميعها أخفت من قلب العقرب ولكنها الألمعُ في تلك المنطقة، وجميعها مرئيةٌ بسهولةٍ للّعين المجردة. والآن بعد تحديد المخلب، نرسم خطاً ينطلق من قلب العقرب ويمرُّ في المنطقة بين النّجمين: عقرب وجبهة. بعد أن نمد الخط مسافةَ أربعٍ وعشرين درجةٍ تقريباً، نصل إلى نجمٍ لامعٍ، لمعانه يُماثل لمعان عقرب. ذلك النّجم يُدعى الزّبانيّ الشّماليّ (Zubeneschamali). الصّورة التّالية توضح كيفية إيجاد الزّبانيّ الشماليّ:
والآن نرسم خطاً من الزّبانيّ الشماليّ باتجاه الأفق الغربيّ؛ نمد الخط مسافة أربعةِ درجاتٍ تقريباً لنصل إلى زبانيّ العقرب. الصّورة التّالية توضح الخطوة الأخيرة
العنقود النّجميّ المغلق Globular Cluster M80:
إيجاد هذا العنقود أمرٌ سهل. علينا في البداية إيجاد قلب العقرب، ومن ثمّ نرسم خطاً من قلب العقرب باتّجاه عقرب. الخط يجب أن يمتد مسافة أربع درجاتٍ. سنصل عند نهاية الخط إلى الهدف المنشود. الصّورة التّالية توضح عنيناه:
العنقود النّجميّ Star Cluster M4:
إيجاد العنقودِ أمرٌ بالغٌ في السّهولة. ننطلق بدايةً من قلب العقرب، والآن ننظر إلى نجم قلب العقرب باستخدام المنظار، ومن ثم نحرّك المنظار إلى الأسفل قليلاً وسنجد العنقود مباشرةً. الصّورة التّالية توضح ما نعنيه:
عنقود الفراشة Butterfly Cluster:
عنقود الفراشة عنقودٌ مفتوحٌ ويُسمى عادةً M66. لإيجاد العنقود ننطلق من نجم قلب العقرب، ومن ثمّ نحدّد موقع المخلب. والآن نمدد الخط الواصل بين قلب العقرب وجبهة باتجاه الجّهة الدّاخلية للّمخلب، نمُدّ الخط على مسافة ستة عشر درجةٍ تقريباً. الصّورة التّالية توضح ذلك:
عنقود بطليموس Ptolemy Cluster:
يُسمى عادةً M77. العنقود يقع بالقربِ من عنقود الفراشة، لذا يجدر بإيجاده أن يكون أمراً سهلاً. نتبع ما اتبعناه سابقاً ولكن في هذه الحالة نمرر الخط مسافةَ تسع عشرة درجةٍ تقريباً. الصّورة التّالية توضح موقع العنقودين:
سديم البحيرة Lagoon Nebula:
ويسمى عادةً M88. لإيجاده ننطلق من قلب العقرب، ثم نحدد موقع المخلب. والآن ننطلق من نجم قلب العقرب ونمدّد الخط الواصل بين قلب العقرب ونجم (باي العقرب) لمسافةِ عشرين درجةٍ ونصف الدّرجةِ تقريباً. بهذه الطّريقة نصل إلى هدفنا المنشود. الصّورة التّالية توضح الطّريقة التّي وصفناها:
الزّوج العنقوديّ NGC 6633 وIC 4756:
العنقودان بعيدان عن بعضهما، وبالرّغم من ذلك، يمكن رؤية العنقودان بحقلِ رؤيةٍ واحد.
لإيجاد العنقودان، نحدد مُثلّث الصّيف. والآن ننطلق من نجم النّسر الطّائر باتجاه النّسر الواقع لمسافة سبعِ درجاتٍ تقريباً، من تلك النّقطة نرسم عاموداً يبتعد عن مُثلّث الصّيف ولمسافة ثلاث عشرة درجةٍ تقريباً. سنصل عندها إلى نقطةٍ تقع بين العنقودين بحيثُ يمكن رؤيتهما سويّاً. الصّورة التّالية توضح الفكرة بشكلّ أفضل:
سلسلة النّجوم في كوكبة الدّجاجة Cygnus Star Chain:
نختم إليكم هذا المقال بمجموعةِ نجومٍ تأخذ شكلّاً جميلاً يروق للّناظر مُشاهدته. لا تُصنّف السّلسلة على أنها عنقود، إذ أنّها مجموعةٌ من النّجوم تأخذ شكلّ قوسٍ يمتدّ على مسافةِ درجتين في السّماء. إيجاد السّلسلة أمرٌ سهلٌ جداً. نحدد نجم ذنب الدّجاجة. والآن نحاول تحديد نجم صدر الدّجاجة (Sadr) وهو ثاني ألمع نجمٍ في تلك المنطقة ويقع بالقرب من نجم ذنب الدّجاجة. والآن بعد أن حددنا صدر الدّجاجة، نرسم خطاً يصل صدر الدّجاجة بذنب الدّجاجة؛ ومن ثم نمدد ذلك الخط بجهة صدر الدّجاجة لمسافة أربع درجاتٍ وثلاث أرباعِ الدّرجةِ تقريباً. سنصل عندها إلى هدفنا المنشود. الصّورة التّالية توضح ما ذكرناه:
المصادر:
Night Watch by Trence Dickinson
Stellarium Data Base