الاعتدال الربيعي
يُعرف يوم الاعتدال الربيعي (Spring Equinox) بأنه اليوم الذي يبدأ فيه فصل الربيع وفقا للحسابات الفلكية، وتكون الشمس عمودية على خط الاستواء للارض، فيتساوى فيه طول الليل مع النهار في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي.
ويحدث الاعتدال الربيعي في شهر مارس من كل عام في نصف الكرة الشمالي، وفي شهر سبتمبر في نصف الكرة الجنوبي. لكن لماذا يحدث ذلك في هذا اليوم تحديدا؟ وما الذي يسبب حدوث الاعتدال الربيعي؟
لماذا يحدث الاعتدال الربيعي؟
تدور الأرض حول الشمس في الوقت الذي يميل محورها عن الأفق بحوالي 23.5 درجة، هذا يعني أن الإشعاع الشمسي لا يتوزع بشكل متساوٍ على أجزاء الأرض خلال العام، بل يختلف حسب موقع الأرض في مدارها.
حيث تميل الارض باتجاه الشمس خلال فصل الصيف، وتميل مبتعدة عن الشمس خلال فصل الشتاء، لكن يحدث مرتين في العام (في شهر مارس وسبتمبر) أن يتحاذى ميل الأرض مع مدارها حول الشمس، بحيث لا يكون هناك ميلان للارض بالنسبة للشمس، وعندها تتعامد أشعة الشمس مباشرة مع خط الاستواء، ويحصل كل من نصف الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي على نفس ساعات النهار والليل.
(رسم توصيحي لتعامد أشعة الشمس على خط الاستواء، ما يعني أن الأرض في هذا اليوم لا تميل عن الافق (ملاحظة: حجم الشمس والأرض توضيحي ولا يراعي النسبة الحقيقية بينهما))
ويصبح الخط الذي يفصل المناطق التي تشهد الليل والمناطق التي تشهد النهار، والذي يُطلق عليه اسم “الخط الرمادي”، ينطبق على محور الأرض ويمر عبر القطبين الشمالي والجنوبي.
شروق الشمس وغروبها يوم الاعتدال الربيعي
تشرق الشمس في يوم الاعتدال الربيعي في جميع دول العالم من الشرق الحقيقي، بحيث تصنع زاوية 90 درجة مع الافق، وتغرب في الغرب الحقيقي، عند زاوية 270 درجة مع الافق. وبعد ذلك تبدأ بالاتجاه ظاهرياً في الأفق نحو الشمال في نصف الكرة الشمالي خلال اشهر الربيع والصيف، وتبدأ ساعات النهار تزداد تدريجيا على حساب ساعات الليل، حتى يوم الانقلاب الصيفي الذي يكون فيه أطول نهار وأقصر ليل في العام.
هل يتساوى الليل مع النهار تماماً في يوم الاعتدال الربيعي؟
بالرغم من أن عدد ساعات النهار تتساوى مع عدد ساعات الليل يوم الاعتدال، إلا أنهما غير متساويان تمامًا، حيث تحصل الأرض على بضع دقائق من النهار أكثر من الليل، هذا لأن شروق الشمس يحدث عندما يكون طرف الشمس فوق الأفق، ويتم تعريف غروب الشمس على أنه اللحظة التي تختفي فيها الحافة الأخرى للشمس تحت الأفق.
ولأن الشمس عبارة عن قرص وليست مصدر نقطي للضوء، فإن الأرض ترى بضع دقائق إضافية من النهار أثناء الاعتدال. كما أن الغلاف الجوي يكسر ضوء الشمس ويستمر في السفر إلى الأرض بعد بدء الليل بفترة قصيرة، حتى بعد أن تكون الشمس قد غابت تحت الأفق.
وبذلك يتراوح طول النهار يوم الاعتدال حوالي 12 ساعة و 6 دقائق ونصف عند خط الاستواء، و 12 ساعة و 8 دقائق عند خط عرض 30 درجة، و 12 ساعة و 16 دقيقة عند خط عرض 60 درجة.
لماذا يختلف توقيت الاعتدال الربيعي بين عام وآخر؟
لا يحدث الاعتدال بالضرورة في نفس اليوم بالضبط من كل عام، حيث يحدث الاعتدال الربيعي في النصف الشمالي في يوم 20 أو 21 من شهر مارس، والخريفي في 22 أو 23 سبتمبر.
هذه التواريخ المتغيرة هي لأن سنة الأرض ليست 365 يومًا بالضبط، هناك ربع إضافي من اليوم (6 ساعات) يتراكم كل عام، مما يتسبب في تحول تاريخ الاعتدال. كما يتغير اتجاه الكوكب نحو الشمس باستمرار، مما يؤدي إلى تعديل توقيت الاعتدال.
وبالرغم من أن يوم الاعتدال يمثل بداية فلكية للربيع أو الخريف، إلا أن بدايات هذه الفصول في علم الأرصاد الجوية هي 1 مارس و 1 سبتمبر.
يوم الاعتدال الربيعي عند الحضارات القديمة
كان الناس يتتبعون حركات الشمس منذ آلاف السنين، وقد ربطت العديد من الحضارات القديمة أيام الاعتدال الربيعي والخريفي مع التقاليد الثقافية والدينية، حيث لم تقتصر هذه التغيرات الشمسية على بداية الفصول فحسب، بل حددت أيضًا موعد زراعة المحاصيل وحصادها.
وهناك أيضًا العديد من الآثار القديمة التي ترتبط بالاعتدال، مثل المعبد الهندوسي أنغكور وات في كمبوديا، حيث تشرق الشمس يوم الاعتدال مباشرة فوق معبدها المركزي. تم بناء المجمع بين عامي 1113 و 1150 ، وهو أكبر نصب ديني في العالم.
وهناك أيضاً معبد المايا في المكسيك، والذي تم بناؤه بين القرنين الثامن والثاني عشر، المعروف باسم معبد ال كاستيو (El Castillo)، مخصص لإله الثعبان، حيث تظهر الضوء يوم الاعتدال في خداع بصري كما لو أن ثعبانًا ينزل إلى أسفل جانب المعبد ، ويسافر إلى العالم السفلي.