الانقلاب الشتوي
يُعرف الانقلاب الشتوي (بالإنجليزية: Winter Solstice) بأنه اليوم الذي يبدأ فيه فصل الشتاء فلكياً، ويتميز يوم الانقلاب الشتوي بأقصر نهار بين أيام السنة، وأطول ساعات لليل.
ما معنى “الانقلاب” الشتوي؟
أما كلمة الانقلاب، فالمقصود بها انقلاب الشمس في ذلك اليوم، حيث تتوقف الشمس في مسارها الظاهري في سماء الأرض، قبل أن تعكس اتجاهها، ففي يوم الانقلاب الشتوي في نصف الكرة الشمالي تصل الشمس ظاهرياً إلى أبعد نقطة لها جنوب السماء، ثم بعدها تعكس اتجاهها وتبدأ بالانحراف نحو الشمال.
أقصر نهار وأطول ليل لكنه ليس أبرد يوم
تسير الشمس يوم الانقلاب الشتوي في أقصر مسار يومي لها في سماء الأرض، لذلك فهي تسطع لأقل عدد من الساعات نهار يوم الانقلاب الشتوي، لذلك تشهد تلك المناطق أقصر نهار لها يوم الانقلاب الشتوي، ومع ذلك، لا يعتبر يوم الانقلاب الشتوي أبرد يوم في السنة، فهناك عوامل أخرى تتحكم بدرجات الحرارة في المناطق المختلفة، مثل موقع المنطقة على خطوط العرض، وأنماط الطقس في تلك المنطقة، وكمية الغطاء الثلجي، لكن تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض لتكون الأسابيع التالية ليوم الانقلاب الشتوي هي الأشد برودة خلال العام.
موعد الانقلاب الشتوي في نصفي الكرة الأرضية
النصف الشمالي للكرة الأرضية:
يحدث الانقلاب الشتوي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية (والذي يضم معظم سكان العالم) بين يومي 21 و22 من شهر كانون الأول/ديسمبر من كل عام، حيث يميل محور الكرة الارضية في ذلك اليوم بعيداً عن الشمس، وتكون أشعة الشمس في أقصى ميلان لها على نصف الكرة الشمالي، حيث تتعامد في وقت الظهيرة مع مدار الجدي الواقع على دائرة عرض 23.3 درجة جنوب خط الاستواء.
النصف الجنوبي للكرة الأرضية:
يكون الحال معكوساً تماماً في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، حيث يصادف يوم 21 من كانون أول/ديسمبر في النصف الجنوبي بدايةً لفصل الصيف، أما يوم الانقلاب الشتوي في النصف الجنوبي للكرة الأرضية فيحدث بين يومي 20 و 21 من شهر حزيران/يونيو، عندما يميل محور الأرض باتجاه الشمس، فتكون أشعة الشمس عمودية وقت الظهيرة على مدار السرطان الواقع على دائرة عرض 23.3 درجة شمال خط الاستواء، وعندها يصادف بدأ فصل الصيف في النصف الشمالي.
هل يعتبر يوم الانقلاب الشتوي البداية الفعلية لفصل الشتاء؟
يجدر بالذكر هنا أن يوم الانقلاب الشتوي يعتبر بداية فصل الشتاء فلكياً، لأن الفصول الأربعة تعتمد فلكياً على موقع الأرض بالنسبة للشمس، واتجاه ميلان محورها، أما في علم الطقس والأرصاد الجوية، فتتغير بدايات الفصول اعتماداً على الدورة الحرارية السنوية، والأنماط المناخية، فمثلاً يبدأ فصل الشتاء في النصف الشمالي للكرة الأرضية مع بداية شهر كانون أول/ديسمبر، وينتهي مع نهاية شهر شباط/فبراير، ويبقى لعلم الطقس والأرصاد الجوية أهميته في دراسة بدايات الفصول اعتماداً على معدلات درجات الحرارة السنوية، وذلك لقربها مما يحدث فعلياً على أرض الواقع، ولهذا أهمية كبيرة للقطاعات المختلفة مثل، القطاع الزراعي والقطاع الصناعي وغيرها.
أهمية الانقلاب الشتوي
يعتبر يوم الانقلاب الشتوي حدثاً مهماً لدى المناطق الواقعة على أقطاب الكرة الأرضية، فعندما يحدث الانقلاب الشتوي الشمالي، يكون القطب الشمالي للأرض في أقصى ميل له بعيداً عن الشمس، وبالتالي تغرق المناطق الواقعة هناك في ظلام دامس يدوم عدة شهور.
وفي يوم الانقلاب الشتوي يتأخر الفجر، وتشرق الشمس من أقصى الجنوب الشرقي، وفي الأيام التالية يبدأ مسار الشمس الظاهري بالاتجاه شمالاً بسبب حركة الأرض في محورها حول الشمس، حيث تبدأ ساعات النهاء بالازدياد التدريجي حتى تتساوى مع ساعات الليل بحلول يوم الاعتدال الربيعي في آذار/مارس، وهذا يفيد في حساب مواقيت الصلاة وساعات الصيام للمسلمين في العالم.
كما يعتبر يوم الانقلاب الشتوي يوماً مميزاً للعديد من الثقافات، فبعد انقضاء هذا اليوم، تبدأ تطول مدة النهار، ويقل الليل، لذلك يتم الاحتفال بيوم الانقلاب في العديد من الثقافات باعتباره وقت الميلاد من جديد.
الاحتفال بيوم الانقلاب الشتوي
يحتفل العديد من الناس حول العالم بيوم الانقلاب الشتوي بطرق مختلفة، ومن الأمثلة على المعالم التاريخية والأماكن التي يقصدها الناس للاحتفال؛ نصب ستونهنج الحجري (Stonehenge) قرب مدينة ويلتشاير الإنجليزية، والذي يشهد توافداً سنوياً للناس وللسياح من جميع أنحاء العالم، لمشاهدة ظاهرة الانقلاب الشمسي، وترجع شهرة نصب ستونهنج إلى خط الرؤية الذي يشكله مع غروب الشمس يوم الانقلاب الشتوي، كما يقصد المكان بعض الأشخاص الذين لايزالون يؤمنون بالطقوس الوثنية، للاحتفال بالسنة الشمسية الجديدة.
وفي مدينة تولوم القديمة، الواقعة في شبه جزيرة يوكاتا المكسيكية، يوجد نصب تذكاري مخصص للاحتفال بموعد الانقلاب الشتوي، حيث يقصده السياح للاستمتاع بمشاهدة الشمس في ذلك اليوم عندما تمر أشعتها عبر ثقبٍ صغير موجود في أحد المباني الحجرية الكبيرة، مما يضفي منظراً خلاباً على المكان.