المقاريب الكاسرة للضّوء
تأتي المَقاريب بأحجامٍ وأشكالٍ لا حصرَ لها، ولكن يُمكن حصرُ المَقاريبِ بثلاثةِ أنواعٍ رئيسيّةٍ، وهي:
– المَقاريبُ الكاسرةُ للضّوءِ Refractors
– المَقاريبُ العاكسةُ للضّوءِ Reflectors
المَقاريبُ المُجَمَّعَة Compound (Catadioptric)
اليوم سنتحدَّثُ عن المَقاريبِ الكاسرةِ للضّوءِ وآليّةِ عملِها وسنذكرُ نَوعي هذه المَقاريب وأهمَّ محاسنِها ومساوئِها. إذاً دعونا نبدأ.
تعتمدُ آليّةُ عملِ هذه المَقاريب على كسرِ الضّوءِ. فكما نعلمُ من الفيزياء عند انتقالِ الضّوءِ من وسطٍ إلى آخرَ مُختلفٍ بالكثافة (عندما ينتقل الضّوء من الهواء إلى الزّجاجِ مثلاً). فإنَّ الضّوءَ يُعاني من انكساراتٍ تُغيّرُ من مسارِه.
زاويةُ الانكسارِ تعتمدُ على شكلِ وعلى مادةِ الوسطَين، لن نتعمّقَ في تفاصيلِ كيفيّةِ انكسارِ الضّوءِ أكثرَ. فالمَقاريبُ الكاسرةُ للضّوءِ تمتلكُ عَدسةً كبيرةً في مُقدِّمتِها، تُعرَفُ تلكَ العَدسةُ باسم الهدفِ أو العَدسةِ الشَّيئيّةِ Objective. فعندَ وصولِ الضّوءِ إلى تلكَ العَدسةِ ينكسرُ ليتجمّعَ في نقطةٍ تقعُ أسفلَ المِقراب، تُعرَفُ تلكَ النّقطة باسم النّقطةِ المِحرقيّةِ Focal Point.
ونُسمّي البُعدَ بين العَدسةِ والنّقطةِ المِحرقيّةِ بالبعدِ المِحرقيّ. ففكرةُ المِقرابِ تعتمدُ على وضعِ عَدسةٍ عينيّةٍ عندَ النّقطةِ المِحرقيّةِ، وظيفةُ تلكَ العَدسةِ تكبيرُ الصّورةِ التّي يلتقطها المِقراب. الشّكلُ التّالي يُساعدُ في توضيحِ الفِكرةِ أكثر:
تُعتَبر العَدسةُ الشّيئيّةُ قلبَ المِقرابِ الكاسرِ للضّوءِ. فقُطرُ تلكَ العَدسةِ يُحدِّدُ ما يُمكن رؤيتُه من خلالِ المِقراب. فإذا قارنَّا مِقرابينِ كاسرَين للضّوءِ أحدهما بعَدسةٍ شَيئيّةٍ قُطرُها 70 مم والآخر بعَدسةٍ قُطرها 100 مم، فإنّ المِقرابَ الثّاني قادرٌ على رؤيةِ أشياءَ لا يستطيع الأوّلُ رؤيتَها. بالإضافةِ إلى ذلكَ، فإنّ المِقرابَ الثّاني يستطيعُ إظهارَ التّفاصيلِ بشكلٍ أفضلَ وذلكَ بفضلِ قُطر عَدسته الكبير. مثالٌ على ذلك كوكب المُشتري (Jupiter) يُمكن رؤيتُه بالمِقرابين، ولكنَّ المِقرابَ الثّاني سيُظِهرُ تفاصيلَ أكثرَ وذلكَ بسببِ قُدرتِهِ الكبيرةِ على تجميعِ الضّوءِ. تبدو المَقاريبُ الكاسرةُ للضّوءِ بهذا الشّّكلِ:
والآن دعونا نتحدَّثُ عن محاسن ومساوئ هذه المَقاريب:
المَقاريبُ الكاسرةُ للضّوءِ تتميّزُ بشكلِها الجّميلِ والجّذابِ، علاوةً على ذلكَ فإنَّ تصميمَها البسيطَ جعلَ من الحاجةِ إلى مُحاذاةِ العَدساتِ وإيزائِها ومساواتِها أمراً غيرَ ضروريٍّ. المُشكلةُ في هذه المَقاريبِ هي العَدساتُ فهي تكسرُ الضّوءَ ولا تعكسُه، ممّا يؤدّي إلى تَحلُّلِ الضّوءِ وهذا الأمرُ قد يؤدّي إلى صورةٍ غيرِ واضحةِ الألوانِ. علاوةً على ذلك، فإنَّ هذه المَقاريبَ غاليّةُ الثّمنِ مَقارنةً مع أنواعِ المَقاريبِ الأخرى.
في الواقعِ إنَّ المَقاريبَ التّي تحتوي على عَدساتٍ مُحلِّلةٍ للضّوءِ تُعرَف باسمِ المَقاريبِ الزّائغة Achromatic. وللمَقاريبِ الكاسرةِ نوعٌ آخرَ يُعرَفُ باسمِ غيرِ الزَّائِغة (اللا مُزيغ) Apochromat. تُعتبر المَقاريبُ الكاسرةُ للضّوءِ مثاليّةً للتّصويرِ الفلكيِّ ولمُراقبةِ القمرِ وكواكبِ المجموعةِ الشّمسيّةِ.
أمّا صيدُ المجرّاتِ والسُّدم، فهي مُهمّةُ شقيقاتِها العاكسةِ للضّوءِ. هذا ما سنتعرَّفُ عليهِ في المقالِ القادمِ من سلسلَتنا، فانتظرونا.