كوكب الزهرة

مقدمة عن كوكب الزهرة

عرفت الزهرة منذ قديم الزمان، وذلك لتألقها الشديد الذي تظهر به في السماء، بلونها الأبيض الساطع والأخاذ، وهذا جعل الحضارات القديمة تستبشر بها خيرا فأعطتها صفة الحب والجمال والمال والرخاء حسب آراء التنجيم، فأطلق عليها الرومان (أفروديت) بمعنى الحب، وسماها البابليون (عشتار) أما الصينيون فسموها (تاي – بي) Tai –Pe اي الجمال و البياض المميز، بينما سماها الإغريق ( فينوس ) Venus آلهة الحب والجمال، وهذا الأخير هو الاسم الشائع للكوكب في الفلك الحديث. والزهرة هي الكوكب الثاني في البعد عن الشمس بعد عطارد، حيث تبعد عن الشمس في المتوسط (108.2) مليون كلم، والواقع أن هذا البعد القريب نسبيا عن الشمس هو سبب لمعان الكوكب بل السبب هو الغيوم الكثيفة جدا التي تحيط بالزهرة في غلافها الغازي الثقيل لذلك فإن انعكاسية سطح الكوكب Albedoلأشعة الشمس الساقطة عليه عالية جدا وهذا هو سر لمعانها في السماء. وهي ثالث ألمع جرم سماوي بعد الشمس والقمر، حيث يصل لمعانها الظاهري Magnitude في السماء إلى (4.40) ونظرا للمعان الزهرة الشديد يمكن أن نشاهد ظلا للأجسام من خلال ضوء الزهرة الشديد إذا كنا نقف في مكان مظلم ليس فيه أي إضاءة. ولأن مدار كوكب الزهرة يقع داخل مدار كوكب الأرض أي أقرب للشمس، لذلك فهي لا تظهر سوى في مدة قصيرة نسبيا وفي فترتين مختلفتين ، فإما أن تظهر صباحا قبل شروق الشمس قريبا من الأفق الشرقي عندما تكون في استطالة الصباح West Elongation، أو تشاهد مساء بعد غروب الشمس فوق الأفق الغربي عندما تكون في استطالة المساء East Elongation، وفي كلا الحالتين لا تشاهد لأكثر من 4 ساعات عندما تكون في أعلى استطالة لها، كما أن مشاهدتها بالعين المجردة خاصة عندما تكون في أقصى استطالة لها سهلة جدا، والكثير من الناس الذين يشاهدونها يستغربون وجود نجم بهذا اللمعان حتى أن الكثير من الناس-ومن خلال تجربتي – كانوا يظنوها طبقاً طائراً!.

جيولوجية الزهرة

يعتقد العلماء أن تكون جيولوجية كوكب الزهرة مشابهة تماماً لجيولوجية كوكب الأرض

وذلك بسبب تشابه الزهرة مع الأرض من حيث الكثافة والحجم والبعد عن الأرض، ولكن أستبعد أن تكون على سطح الزهرة صخور رسوبية لعدم وجود المياه على سطح الكوكب. وقسم الجيولوجيون كوكب الزهرة إلى الأقسام الرئيسية الثلاثة التالية:-

1- النواة: وتتكون من معدني الحديد والنيكل المنصهر جزئياً، ويبلغ نصف قطرها 2940 كلم.

2- الطبقه الخارجية للنواة: وتتكون من صخور (البيريدوتايت) بالإضافة لطبقة من الصخور البازلتية ويصل سمكها حوالي 3050 كلم.

3- القشرة الخارجية: وتتكون من صخور الغرانيت ويبلغ سمكها حوالي 60 كلم.

عبور الزهرة:

كان أول من شاهد عبور كوكب الزهرة من أمام قرص الشمس هو الفلكي العربي (الفارابي) سنة 910م من كازاخستان، ثم استطاع (يوهانس كبلر) التنبؤ رياضيا بحدوث حالة عبور كوكب الزهرة من أمام قرص الشمس يوم 6 كانون أول سنة 1631م، لكن لم يقم أحد برصد العبور آنذاك. وتمكن هاوي الفلك الإنجليزي (جرسيا هوروكس) من التنبؤ بحدوث العبور الذي حدث 1639م، واستطاع هوروكس رصد العبور الذي تنبأ به، ويكون بذلك أول من تنبأ بالعبور ويرصده ، وتمكن من خلال العبور أن يقيس بعد الأرض عن الشمس فوجده (58) مليون ميل، علما أن القياس الحديث هو (93) مليون ميل. تمكن السير(ادموند هالي) عام 1716م، من وضع طريقه يمكن من خلالها قياس بعد كوكب الأرض عن الشمس، في بحث خاص أعده لذلك، وذلك بقياس زاوية عبور الزهرة من موقعين مختلفين بينهما مسافة كبيرة، وتم إجراء هذه التجربة في العبور الذي حصل سنة 1761م، والعبور اللاحق الذي حصل سنة 1769م. إن مدار الزهرة يميل على دائرة البروج مقدار 3 درجات، لذلك لا يحدث العبور سوى في فترات منتظمة تحدث كل 243 سنة، وتتكون من أربعة فواصل متفاوتة في طولها وقصرها، الفواصل القصار هي 8 سنوات، والفواصل الطوال هي (121.5) سنة و( 105.5) سنة وسيحدث العبور القادم يوم الثامن من حزيران سنة 2004م، والعبور الذي يليه سيقع بعد ثماني سنوات أي في سنة 2012م.

تاريخ حدوث عبور كوكب الزهرة

10 حقائق غريبة عن كوكب الزهرة

وضع علماء الفلك في وكالة الفضاء الامريكية ناسا 10 حقائق غريبة حول كوكب “الزهرة” Venus ثاني اقرب الكواكب السيارة حول الشمس بعد كوكب عطارد، وقبل الارض في الترتيب ايضا لكنه اقرب الكواكب حجما من الارض، لذلك يسمى “الكوكب التوام للارض” .
الحقيقة الاولى: البراكين
تنتشر البراكين بشكل كبير على سطح كوكب الزهرة، بل هي اكثر البراكين على اي كوكب في المجموعة الشمسية حيث يصل عددها حوالي 1600 بركان، ويعتقد العلماء وجود عدد اخر من البراكين الصغيرة التي لم يتمكن العلماء من مشاهدتها حتى الان، ويعتقد ان معظم هذه البراكين خامدة لكن يتوقع وجود عدد من البراكين النشطة حتى الان.
الحقيقة الثانية: اليوم اطول من سنتها
يصل يوم الزهرة اي فترة دورانها حول محورها الى 243 يوما ارضيا، بينما يصل طول سنتها اي فترة دورانها حول الشمس الى حوالي 224،7 يوما، وبذلك يكون يوم الزهرة اطول من سنتها.
الحقيقة الثالثة: الزهرة توام الارض
يشترك كوكب الزهرة مع الارض في الكثير من الصفات بحيث يجعله الكوكب التوام للارض، فحجم كوكب الزهرة قريب جدا من حجم الارض، ومداره حول الشمس مشابه من حيث التفلطح بمدار الارض، وللزهرة غلاف غازي ثقيل وهو اكثر شبهة بالغلاف الغازي الارضي، كما ان تركيب الزهرة الكيميائي قريب من كوكب الارض، وعمر القشرة الخارجية لسطح الكوكب قريب من عمر قشرة الارض.
الحقيقة الرابعة: الغلاف الغازي الثقيل:
الغلاف الغازي في كوكب الزهرة كثيف جدا ومكون من غاز ثاني اكسيد الكربون Carbon Dioxide لذلك تحدث على الزهرة “ظاهرة البيت الزجاجي” Greenhouse Effect التي ترفع درجة حرارة الزهرة لمعدلات خيالية تصل الى حوالي 870 درجة فهرنهايت (470 درجة مئوية) وهي درجة حرارة تسمح لذوبان بعض المعادن مثل الرصاص.
الحقيقة الخامسة: الضغط الجوي
بسبب الغلاف الغازي الثقي للزهرة فان الضغط الجوي (وزن عامود الهواء) مرتفع جدا ويقدر بحوالي 90 مرة اعلى من الضغط الجوي على مستوى سطح البحر على الارض، ويتوافق مع الضغط المتشكل على عمق 1 كيلومترا تحت سطح المحيطات على الارض.
الحقيقة السادسة: مرور الزهرة عبر قرص الشمس
الزهرة هو الكوكب الوحيد في المجموعة الشمسية الذي يعبر من خلال قرص الشمس بالنسبة للارض وهي ظاهرة فلكية معروفة تسمى “العبور” Transit وتحدث هذه الظاهرة مع كوكب عطارد ايضا، حيث يظهر كوكب الزهرة على شكل بقعة صغيرة معتمة تمر من خلال قرص الشمس. وكان آخر عبور لكوكب الزهرة من امام قرص الشمس يومي 5-6 يونيو 2012 وهو العبور السابع يشاهد منذ اختراع التلسكوب اي منذ حوالي اربعة قرون.
الحقيقة السابعة: الزهرة ثالث المع جرم سماوي في السماء
يظهر كوكب الزهرة لامعا في السماء بشكل مميز، وهو ثالث المع جرم سماوي يشاهد في السماء بعد الشمس والقمر، ويمكن ان يلقي ضوء الزهرة ظلا للاجسام في الليالي المظلمة وغير المقمرة. طبعا لمعان الزهرة ليس لضخامة حجمه بل بسبب قربه الشديد من الارض ونسبة الانعكاسية العالية لضوء الشمس عن غلافه الغازي الخارجي.
وقد حدث سنة 2012 ان احدى الرحلات الجوية للخطوط الجوية الكندية غيرت مسارها خوفا من اصطدامها بطائرة اخرى، حيث اعتقد كابتن الطائرة ان طائرة اخرى تطير في مسافة قريبة منه، وبعد التحري من برج المراقبة الارضي عرف كابتن الطائرة انه يشاهد كوكب الزهرة.
الحقيقة الثامنة: الكوكب اللغز والمثير عبر التاريخ
اثار كوكب الزهرة الحضارات القديمة، فقد اشارت الدراسات الاثرية ان كوكب الزهرة سجله القدماء على الصخور منذ الاف السنين، وكان البابليون قد درسوا حركة كوكب الزهرة في السماء وعملوا رزنامة توضح حركة ومسار الكوكب حتى سنة 1600 قبل الميلاد، وعالم الرياضيات اليوناني “فيثاغورس” كان اول من عرف ان كوكب الزهرة يظهر بالتناوب بين الصباح والمساء فيكون كوكب صباح او كوكب مساء، اي ان نجمتي الصباح والمساء التي عرفها القدماء انما هي جرم واحد وهو كوكب الزهرة.
الحقيقة التاسعة: الاعاصير
تحدث الاعاصير القوية جدا على كوكب الزهرة تصل سرعة الرياح فيها الى حوالي 450 ميلا بالساعة (724 كيلومترا بالساعة) وهي سرعة اعلى بكثير من اي اعصار على كوكب الارض.
الحقيقة العاشرة: اوجه الزهرة
نظرا لان مدار كوكب الزهرة داخل مدار الارض حول الشمس اي اقرب الى الشمس من الارض، يظهر الزهرة بأوجه مختلفة مثل اوجه القمر، حيث يشاهد على شكل هلال او تربيع او بدر، وكان الفلكي الايطالي “غاليليو” سنة 1610م الذي كان اول من وجه منظارا نحو الزهرة بعد ان اخترع التلسكوب.