فيزياء الفضاء

كيف قد تفيد محطة الفضاء الصينية الجديدة العلماء؟

كيف قد تفيد محطة الفضاء الصينية الجديدة العلماء؟

اكتمل تشييد محطة الفضاء الصينية «تيانجونج» Tiangong، وجدير بالذكر أن الوحدة الثالثة والأخيرة منها انطلقت إلى المدار الأرضي المنخفض يوم الإثنين الموافق الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر الماضي، ومن المتوقع أن تحتضن المحطة -وهي المختبر الثاني فقط في مدار الأرض- أكثر من ألف تجربة علمية على مدار مدة عملها المزمع أن تمتد لعشر سنوات على الأقل، وتشمل هذه التجارب دراسات لآثار الجاذبية الصغرى على الأنسجة الحية ولسلوكيات الحرائق.

تعقيبًا على ذلك الحدث، صرح باولو دي سوزا -خبير تطوير تقنيات الفضاء من جامعة جريفيث بمدينة جولد كوست في أستراليا- بأن بناء محطة فضائية يُعد إنجازًا هائلًا، وأضاف: “إنه لحدثٌ رائع”، موضحًا أن محطة الفضاء تلك أتاحت ساحةً علميةً جديدةً للباحثين الصينيين.

أما براد تاكر -اختصاصي علم الفيزياء الفلكية من الجامعة الوطنية الأسترالية في مدينة كانبرا- فقد أشاد بدوره بتشييد المحطة، معللًا لذلك بأنها ستفتح أبواب مختبرها المداري لباحثين من بلدان أخرى أيضًا، وقد اختارت الصين بالفعل تسع تجارب دولية للتحليق بمعدَّاتها وطاقمها إلى المحطة في إطار مشروع تعاوني مع الأمم المتحدة، وهي تجارب صممها باحثون من اليابان وروسيا والهند والمكسيك، بالإضافة إلى بلدان أخرى.

حقل جديد

الوحدة الأخيرة، «مِنجتيان» Mengtian، هي إحدى وحدتين مصممتين لاستضافة التجارب العلمية، وقد أُطلقت الوحدة الأخرى التي أُطلق عليها اسم «وِنتيان» Wentian إلى الفضاء في يوليو الماضي، ومن المزمع أن تشكِّل «منِجتيان» و«وِنتيان» معًا ذراعَي المحطة الفضائية من خلال الالتحام بالوحدة الأساسية، «تيانخه» Tianhe، التي تدور حول الأرض منذ إبريل عام 2021، وتؤدي وحدة «منجتيان» دورًا محوريًّا في توازُن جانبي المحطة، التي “تحلق في مسارها مائلة، ويتطلب الحفاظ على اتجاهها الكثير من الطاقة”، على حد قول جوناثان ماكدويل، اختصاصي علم الفلك من مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية بمدينة كمبريدج، بولاية ماساتشوستس الأمريكية.

وقد زار المحطة بالفعل عددٌ من بعثات الشحن ورواد الفضاء، ويعيش على متنها حاليًّا طاقم مكون من ثلاثة أشخاص.

وتحوي المحطة أكثر من عشرين معملًا صغيرًا مزودًا بأجهزة طرد مركزي، وغرفًا باردة تنخفض درجات الحرارة فيها إلى -80 درجة مئوية، وفرنًا عالي الحرارة، وأجهزة ليزر متعددة، وساعة ذرية بصرية، ومن المزمَع استخدام هذه الأغراض لإجراء تجارب مماثلة لتلك التي تُجرى في محطة الفضاء الدولية (ISS)، والتي تتضمن دراسات لتقصِّي تأثير البقاء مدةً طويلةً في المدار الأرضي المنخفض على صحة رواد الفضاء، وآليات منع احتراق عدة مواد مختلفة، والخصائص الكمية لعدة غازات، ومن المقرر أن تُسهم ثلاث منشآت خارج المحطة في دراسة آثار الإشعاع الكوني على الكائنات الحية الدقيقة والنباتات، وتجدر الإشارة إلى أن الصين ليست شريكًا في محطة الفضاء الدولية، لذا لم يُتح لرواد الفضاء التابعين لها دخول المحطة الدولية، إذ تحظر قوانين الولايات المتحدة على وكالة «ناسا» -وهي وكالة مشاركة في محطة الفضاء الدولية- الدخول في شراكات ثنائية مع الصين.

وقد يعني تشييد مختبر فضائي جديد أنه يمكن للباحثين فيه تكرار التجارب التي أُجريت في محطة الفضاء الدولية، للتحقق من صحة نتائج تجاربها، وفق ما صرّح دي سوزا، الذي أعرب عن أمله في إعلان هذه النتائج، قائلًا: “أنتظر النتائج على أحر من الجمر”.

فيض من التجارب

يقول جانج وي، مدير مركز التكنولوجيا والهندسة لاستخدامات الفضاء، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في بكين: إن أكثر من 25 مشروعًا بحثيًّا قيد التنفيذ بالفعل، وفي ضمنها مشروعات متعلقة بدراسة آثار الجاذبية الصغرى على الخلايا النباتية والعظام والعضلات، والمواد المنصهرة، بالإضافة إلى تجارب لدراسة تبلوُر البروتينات، وقد أفادت وسائل الإعلام الصينية الرسمية بأن طاقم المحطة الجديدة أخذ حوالي 12 ألف بذرة إلى المحطة الفضائية، تتضمن بذور الفِصة المُعمِّرة، والشوفان، والبذور الفطرية، لتعريضها للإشعاع الكوني والجاذبية الصغرى لمدة ستة أشهر، وإعادتها في إبريل القادم لتُزرع على الأرض، وقد ذكر باحثون في الأكاديمية الصينية للعلوم أيضًا أن شتلات رشاد أذن الفأر والأرز التي زُرعت في وحدة «ونتيان» في أواخر يوليو الماضي قد بدأت تُنبت براعم.

ومن المرتقب أن تقلع وحدة «منجتيان» على متن الصاروخ «لونج مارش 5 بي»Long March 5B ، من موقع الإطلاق وينشانج في جنوب الصين، ومن المحتمل أن يخرج الصاروخ عن السيطرة عند عودته إلى الغلاف الجوي، وأن تصطدم عدة أطنان من حطامه ببقعةٍ ما على سطح الأرض، كما حدث مع بعثات سابقة استُخدم فيها هذا النوع من الصواريخ، ويتخوف بعض العلماء من احتمالية سقوط الحطام في منطقة مأهولة بالسكان، فيقول ماكدويل: “هناك خطورة حقيقية، ومن حسن الحظ أن معظم سطح الأرض يتألف من محيطات أو أراضٍ غير مأهولة، وهو ما يقلل من احتمالية الاصطدام بمنطقة يقطنها سكان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى